وقوله تعالى: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}: أي: على المشركين بتركهم الإيمان واستحقاقهم سخط اللَّه وعقوبته بذلك، وكان كذلك لكمال شفقته، وهو كقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} فاطر: ٨، وقوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} الشعراء: ٣.
وقيل: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}: على قتلى أحد، فإنَّهم وصلوا إلى رضوان اللَّه تعالى وجنَّته.
{وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}؛ أي: ضيق صدر، وهو في معنى الضِّيق، كالشَّفِّ والشِّف، والرَّطل والرِّطل، بالفتح والكسر لغتان، وقرأ ابن كثير بالكسر (١).
وقيل: الضِّيق بالكسر مصدر، والضَّيق (٢) بالفتح نعت، كالهَيْنِ واللَّيْنِ، ومعناه: في أمر ضيقٍ من مكرهم؛ أي: لا يضيقنَّ بك الأمرُ لمكرهم.
وعلى الأوَّل: لا يضيقنَّ صدرُك لمكرهم، فإنَّه لا ينفذ عليك.
* * *
(١٢٨) - {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}: أي: حافظُهم وناصرُهم، وأنت متَّقٍ محسنٌ فيحفظُك وينصرُك.
وقيل: هو على العموم، و {الَّذِينَ اتَّقَوْا} (٣)؛ أي: توقَّوا عن السَّيِّئات، {وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}؛ أي: عاملون بالطَّاعات.
(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٧٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٩).
(٢) "الضيق" ليس في (أ).
(٣) في (أ): "وهم الذين اتقوا".