وقوله تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ}: قيل: أي: يستمعون إليه، وحروف الأدوات تتناوب.
وقيل: الباء بيانُ السبب؛ أي: نحن أعلم بالسَّبب الداعي لهم إلى الاستماع.
{إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}: أي: حين يستمعون إليك {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}؛ أي: وهم متناجون بالطعن في القرآن، مصدر يراد به نعمتُ الجمع قد اشتغلوا بتناجيهم عن الإنصات والتدبُّر.
ثم بيَّن تناجيَهُم، وهو قوله: {إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ}: أي: المشركون الواضعون الشيءَ في (١) غير موضعه: {إِنْ تَتَّبِعُونَ}: أي: ما تُظهرون الاستماع، فسمِّي إظهارهم الإصغاءَ إليه اتِّباعًا.
{إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}: مخدوعًا مغلوبًا على عقله يأتيه الشيطان فيخدعه فيظنُّه ملَكًا.
قال قتادة: نجواهم: أنْ زعموا أنه مجنونٌ وأنه ساحرٌ وأنه آتٍ بأساطير الأولين (٢)، وكان منهم الوليدُ بن المغيرة.
والمسحور قيل: هو المخدوع.
وقيل: هو الذي عُمل به السحرُ واختَلط عليه أمرُه.
وقيل: أرادوا أن له سَحْرًا -بفتح السين؛ أي: الرئة- يعنون أنه لا يستغني عن الطعام والشراب، فهو بشرٌ مثلكم ليس بملك.
* * *
(١) "في": ليست في (أ).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٦١٢).