وطريق هذا الكلام طريقُ قولِ الرجل إذا عزم على قهر إنسان فقيل له: كيف تقهره على قوته وصلابته؟ فيقول: قل له كن حديدًا أو حجرًا؛ أي: فإني لا أبالي به بل أقهرُه وأصل إلى غرضي فيه.
وقال مقاتل: {كُونُوا حِجَارَةً} في القوة {أَوْ حَدِيدًا} في الشدة {أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} (١).
وقال مجاهد: الجبال (٢).
وقال ابن عباس ومقاتل والضحاك والحسن رضي اللَّه عنهم: الموت (٣).
وقوله تعالى: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا}: أي: مَن الذي يفعل بنا هذا؟ {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}؛ أي: خلقكم وأنشأكم، وهو كقوله تعالى: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} يس: ٧٨ - ٧٩.
وقوله تعالى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ}: أي: فسيحرِّكون رؤوسهم (٤) فعلَ المستبعِد (٥) للشيء والمتعجِّب منه، والإنغاض: التحريك، والنَّغَضان: التحرُّك، من حدِّ ضرب، والنَّغْضُ: الظَّليم؛ لتحريكه رأسَه.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ}: أي: البعث {قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا}؛ أي: لن تطولَ مدةُ كونه ولا تبعد بلَ هو قريب؛ لأن كلَّ ما هو آتٍ قريبٌ.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٥٣٤).
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٥٧٥)، والثعلبي في "تفسيره" (٦/ ١٠٥) بلفظ: (السماء والأرض والجبال).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٥٧٤) عن سعيد بن جبير، والطبري في "تفسيره" (١٤/ ٦١٦ - ٦١٧) عن ابن عباس وابن عمر وأبي صالح والحسن وسعيد بن جبير والضحاك.
(٤) "فسيحركون رؤوسهم": من (أ).
(٥) في (أ): "المستبع".