وقيل: لِمَا يرون من سرعة الرجوع يظنُّون قلة اللَّبْث في القبور.
وقال قتادة: هو احتقار أمر الدنيا حين عايَنوا يوم القيامة (١).
وقال الحسن: إن لبثتم إلا قليلًا في الدنيا لطول لبثكم في الآخرة (٢).
* * *
(٥٣) - {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.
وقوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: أي (٣): قل يا محمد لعبادي -أي: المؤمنين- يقولوا للكفار إذا حاجوهم في إثبات التوحيد وإثبات البعثِ التي هي أحسنُ؛ أي: الكلمةَ التي هي أحسنُ، أو المقالةَ التي هي أحسن، وهو كقوله: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل: ١٢٥؛ أي: لا تخرجوا في المجادلة إلى السفاهة، بل قولوا كما قلتُ في ردهم: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} وقلتُ: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}: أي: يُغري بين المؤمنين وبين المشركين، فيعارض المشركون المؤمنين بالكلام السيِّئ.
وقوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}: أي: مُعاديًا قديمَ العداوة (٤) للناس مؤمنِهم وكافرِهم، فهو يُغري بعضَهم ببعضٍ ثم يتبرأ منهم؛ كما قال: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} الحشر: ١٦.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٦٢٣).
(٢) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٢٤٩)، والواحدي في "البسيط" (١٣/ ٣٦٤).
(٣) قبلها في (ف): "قيل".
(٤) في (أ): "المعاداة".