وقيل: {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ} يعني: ما أصابكم من القحط سبعَ سنين.
وقال القشيري رحمه اللَّه: يعني: إذا كانوا هم يرجُون ويخافون فكيف يَدفعون عنكم؟
قال: ويقال في المثل: تعلُّقُ الخَلْق بالخَلْق كتعلُّقِ المسجون بالمسجون، والفقيرُ إذا انضم إلى الفقير ازدادت الفاقة، والضريرُ إذا قاد الضرير سقطا جميعًا في البئر، وفي معناه أنشدوا:
إذا الْتَقى في حَدَبٍ واحدٍ... سبعون أعمى بمقاديرِ
وصيَّروا بعضَهم قائدًا... فكلُّهم يسقط في البير (١)
* * *
(٥٨) - {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ}: أي: من أهل بلدةٍ {إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ} بكفرها وإصرارها {أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا} بما دون الاستئصال {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}: أي: في اللوح المحفوظ.
يجوز أن يكون انتظامُها بقوله: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} فلْيَحذَرْه المشركون، فليست من قريةٍ إلا وأهلُها مستحقُّون -بكفرهم (٢) - استئصالي أو تعذيبي بما دون ذلك من قِبَل أكابرهم، وتسليطِ المؤمنين عليهم يَسْبونهم ويغتنمون أموالهم، أو يعتصمُ
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٥٤).
(٢) في (ر) و (ف): "لكفرهم".