وقال أبو بكر الورَّاقُ: مَن كان في هذه أعمى عن حجَّته فهو في الآخرة أعمى عن جَنَّته (١).
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى} عن مشاهدته ببصيرته فهو في الآخرة أعمى عن رؤيته ببصره (٢).
وقيل: لمَّا نزلت هذه الآيةُ جاء عبد اللَّه بن أمِّ مكتومٍ -وكان ضريرًا- إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه! أنا في الدنيا أعمى أفأكون في الآخرة أعمى؟ فأنزل اللَّه تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الحج: ٤٦ (٣).
* * *
(٧٣) - {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا}: وهذا من عمَاهم في الدنيا.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: جاء وفد ثَقيفٍ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالوا: نحن أخوالك (٤) وأصهارُك وجيرانك فأعطِنا ما نريد نُعْطِكَ ما تريد، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما تريدون؟ " فقالوا: نريد أن لا نُعشَرَ ولا نُحشَرَ ولا نجبِّيَ (٥)، وكلُّ ربًا لنا
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ١١٧).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٦٢).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٢٧)، وأورده البيضاوي في تفسير سورة الحج مقدما له بـ (قيل)، وهي صيغة التمريض عنده، وقال الشهاب: لعل تمريضه لعدم ثبوته عنده لأنّ ابن أم مكتوم رضي اللَّه عنه لا يخفى عليه مثله. انظر: "حاشية الشهاب على البيضاوي" (٦/ ٣٠٣).
(٤) في (أ): "إخوانك".
(٥) في (ر) و (ف): "نُحنى"، وهو موافق لبعض المصادر.