وهو جزاءٌ على ما (١) كانوا يتعامَون في الدنيا عن رؤيته من الحق، ويتباكَمُون عن التكلم به من الحق، ويتصامُّون عن سماعه من الحق، قال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} البقرة: ١٧١.
وقال مقاتل: ذلك في جهنم حين يقال لهم: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون: ١٠٨ (٢).
وقوله تعالى: {مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ}: أي: مَصيرهم ومَقرُّهم {كُلَّمَا خَبَتْ}؛ أي: كلما سكن لهبُها، وقد خبا يَخْبو خَبْوًا، والتاء للتأنيث.
{زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}: أي: لهيبًا، وقد سَعَر النارَ يَسْعَرُها من حدِّ صَنَع؛ أي: ألهبها (٣).
وقيل: {كُلَّمَا خَبَتْ}؛ أي: أرادت أن تخبوَ؛ كما قال: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} الحج: ٢٢.
* * *
(٩٨) - {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}.
وقوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}: فسَّرناه في هذه السورة، يقول: لم نعذِّبهم ظلمًا، بل جزاءً على كفرهم وإنكارهم البدثَ وتعجُّبهم منه بعدَ إرمامهم وتفتُّت عظامهم.
= في "تفسيره" (١٣/ ١٧٩)، وفيه: (. . . بكم عن التكلم بحجة، صم عما ينفعهم).
(١) في (ف): "جزاء ما"، وفي (أ): "جزاء عما".
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٥٥١).
(٣) في (ف): "وقد سعر من حد صنع".