قرأ الكسائي: {عَلِمتُ} بضم التاء؛ أي: قال موسى: علمتُ أنا، وقرأ الباقون بفتح التاء (١)؛ أي: علمتَ أنت يا فرعونُ؛ لأنَّه عانَدَ مع علمه، قال تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} النمل: ١٤، يقول: إنك لصحة عقلك وسلامةِ حسِّك تعلم أنَّ ما جئتُ به من الآيات ليس بسِحر، ولا أنا فيها مخدوع، بل هي حجج اللَّه جلَّ جلالُه التي مَن تأمَّلَها استبصَر فيها؛ أي: تيقَّن أنها من عند اللَّه.
وقوله تعالى: {وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا}: أي: أَعلمُك بالاستدلال مهلَكًا، وقيل: ممنوعًا عن كلِّ خير.
* * *
(١٠٣) - {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا}.
وقوله تعالى: {فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: أي: هَمَّ أن يستخِفَّهم ويزعجهم (٢) عن أرض مصر.
{فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا}: مِن أعوانه وأهلِ دينه جميعًا لم يبق منهم أحد (٣).
* * *
(١٠٤) - {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}.
وقوله تعالى: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ}: أي: أسكنَّاهم، أمرٌ بمعنى الخبر؛ كما في قوله: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} سبأ: ١٨.
وقوله تعالى: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا}: أي: أخبرناهم أنكم (٤)
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٣٨٥ - ٣٨٦)، و"التيسير" (ص: ١٤١).
(٢) في (ف): "ويزحزحهم".
(٣) في (ف): "بقية".
(٤) في (ف): "أخبرناكم بأنكم".