وقد روينا أنهم لم يدخلوا عليهم وعمِّي عنهم مكانُهم حين دخل تمليخا، وإنما علم أهل المِصر حقِّيَّة البعث استدلالًا بإخبار تمليخا عنهم، وثبت عندهم صدقُه بما شاهدوا من أفعاله وما معه.
وقوله تعالى: {لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}: أي: استدلوا بذلك على أن وعد اللَّه بالبعث حق وأنه قادر عليه {وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا}؛ أي: لا شك في قيامها.
وقوله تعالى: {إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ}: أي: يتنازع أهل ذلك العصرِ في أمر الساعة، فيقِرُّ به بعضهم وينكره بعضهم، فعرفوا جميعًا أن البعث حقٌّ بهذه الدلالة، ومعنى {أَمْرَهُمْ}؛ أي: الأمرَ الذي فيه تنازُعُهم، {يَتَنَازَعُونَ} بمعنى: تنازعوا، أو: كانوا يتنازعون.
وقيل: كان تنازُعهم في البناء.
{فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا}: يُعرف به مكانهم كما يُبنى على قبر الرجل الجليل المذكور.
وقيل: كان باب الكهف قد فتح بعد ما كان مردومًا، فقالوا: ابنوا عليهم ما يسترُهم فلا يدخل عليهم أحد.
وقيل: قال الكفار: نبني بناء الكفار؛ لأنَّهم من عشائرنا فلعلهم على ديننا.
فقال اللَّه جل جلاله: {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ}: أي: أنهم آمنوا بربهم كما وصفنا.
وقوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ}: عظماؤهم، وقيل (١): مسلموهم.
{لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا}: نتعبد فيه؛ لأنَّهم مسلمون فيتبرَّك المسلمون بالصلاة في مسجدهم عندهم (٢).
= أبي صالح عن ابن عباس.
(١) في (ف): "وهم".
(٢) "عندهم" ليس من (ف).