قال مجاهد: {وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}: مجتمَعًا (١).
وقال أبو عبيدةَ: متكَأً، من الرفق؛ قال أبو ذؤيب:
بات الخليُّ وبتُّ الليلَ مرتفِقًا... كأن عينيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ (٢)
وهو مجازٌ، كأنه قال: بئس موضعُ طلبِ الراحة؛ كما قال: {وَبِئْسَ الْمِهَادُ} آل عمران: ١٢.
وقيل: هو من الاررتفاق الذي (٣) هو الانتفاعُ، والمرتفَق: موضع الانتفاع، وهو مجازٌ أيضًا؛ كأنهم طلبوا الشراب لينتفعوا به ويُبرِّدوا ظمأهم فسُقوا هذا مكانَ ما طَلبوا.
* * *
(٣٠) - {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: قيل: جوابه {أُولَئِكَ لَهُمْ} بالهاء العائدة، واعتَرض بينهما: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}.
وقيل: جوابه: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}: لكن يُضْمر فيه: منهم؛ أي: مَن أَحسنَ منهم، فتعود الهاء إلى المبتدأ.
وقيل: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} بدلٌ عن المبتدأ الأول، والجواب له، فيكون جوابًا للأول تقديرًا (٤)، وهو كقول الشاعر:
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٢٥٣).
(٢) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٤٠٠)، و"تفسير الطبري" (١٥/ ٢٥٣)، و"الكشاف" (٢/ ٦١٩)، وهو في "ديوان الهذليين" (١/ ١٠٤) برواية: "مشتجرًا". الخلي: الذي لا هم له، والصاب: شجرة مرة لها لبن يحرق العين إذا أصابها، والمذبوح: المشقوق.
(٣) في (أ): "أي".
(٤) "تقديرًا" ليست في (أ).