من غير واسطة، يسقيهم (١) شرابًا طهورًا يطهِّر قلوبهم عن محبة كلِّ مخلوق، نِعْمَ الثوابُ ثوابُهم، ونِعْمَ الربُّ ربُّهم، ونِعْمَ الدارُ دارُهم، ونِعْمَ الجارُ جارُهم، ونِعْمَ الحالُ حالُهم (٢).
* * *
(٣٢) - {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا}.
وقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ}: هذا (٣) تأكيدُ ما سبق من النهي عن تركِ الإقبال على ضعفاء المؤمنين، والتجاوُزِ عنهم إلى أقوياء المشركين، وتعليمٌ للناس صحبةَ أهل الخير والدِّين.
وقوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا}؛ أي: صِفْ يا محمد شَبَهًا {رَجُلَيْنِ} ترجمةٌ عن قوله: {مَثَلًا}، وكانا أخوين أحدهما مسلم والآخر كافر.
{جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا}: وهو الكافر {جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ}؛ أي: بستانَين فيهما أعناب {وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ}؛ أي: كان يحيط بهما نخل.
وقال أبو عبيدة: أي: أَطَفناهما من جوانبهما (٤)، وهو من قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} الزمر: ٧٥؛ أي: محيطين به، والحِفَاف: جانب الشيء، وحفَّ به القوم؛ أي: صاروا في أَحْفِيَة جمع حِفَافٍ، ودل على فضل العِنب
(١) في (ر) و (ف): "فسقاهم ربهم".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٩٤ - ٢٩٥)، وما بين معكوفتين منه.
(٣) في (أ): "هو".
(٤) في (ف): "أتحفناهما من جوانبهما"، وفي (ر): "أتحفناهما من حوافهما". والمثبت من (أ)، وانظر: "مجاز القرآن" (١/ ٤٠٢)، وفيه: (أطفناهما وحجزناهما من جوانبهما).