الفقراء: {لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}؛ أي: في بطون أمهاتكم حفاةً عراةً بلا أموالٍ ولا أولادٍ ولا أعوانٍ.
{بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا}: قال أبو عبيدة: إن العرب إذا كانوا في كلامٍ فأرادوا الأخذَ في غيره بدؤوه بـ (بل)، تقديره: ولقد جئتُمونا كما خلقناكم أولَ مرةٍ بعد تعزُّزكم (١) بالأموال والأولاد، وتكبُّركم على الفقراء، فأين تلك الأموالُ والأولاد، دعوا هذا فقد كنتُم تقولون شرًّا من هذا: لا بعثَ ولا نشورَ ولا موعدَ، وهو ميقاتٌ يبعث (٢) فيه.
* * *
(٤٩) - {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}.
وقوله تعالى: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ}: أي: ويوضع كتاب كلِّ إنسان في يده، وهو واحد أريد به الجمع لأنه جنس.
وقوله تعالى: {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ}: أي: المذنِبينَ، وقيل -هو قول السديِّ-: أي: المشركين (٣).
وقوله تعالى: {مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ}: أي: خائفين مما في الكتاب.
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا}: لمَّا رأوا أعمالهم محصاةً عليهم فيه، وعلموا
(١) في (أ): "تغرركم".
(٢) في (أ): "بعث".
(٣) ذكره الواحدي في "البسيط" (١٤/ ٤٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنه.