وقال عمرٌو البِكالي: هو وادٍ عميقٌ يفصل بين أهل الجنة وأهل النار (١).
وقال عكرمة: هو نهرٌ في النار على حافتيه حياتٌ مثلُ البغال (٢).
يعني: جعلنا بينهم وبين معبودِيهم من الملائكة وعيسى وعُزيرٍ عليهما السلام هذا الواديَ أو النهر، فهؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار، يدعونهم فلم يستجيبوا لهم.
وقال الحسن: {مَوْبِقًا}؛ أي: عداوةً يوم القيامة (٣)؛ أي: يتلاعنون (٤) ويتبرأ بعضهم من بعضٍ، وهو من الهلاك أيضًا، فكأن الموبِقَ عداوةٌ مُهلِكةٌ على هذا.
قال نِفطَويه: {مَوْبِقًا}؛ أي: محبِسًا، يقا لى: أَوْبَقْتُه؛ أي: حَبَستُه، وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المارِّين على الصراط: "ومنهم الموبَقُ بذنوبه" (٥)؛ أي: المحبوس.
* * *
(٥٣) - {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا}.
وقوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا}: أي: علموا وأيقنوا أنهم داخلوها.
وقيل: حين يُجاء بالنار لها تغيُّظٌ وزفيرٌ علموا أنها تأتيهم فتأخذهم.
وقوله تعالى: {وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا}: أي: مَعدِلًا.
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٢٩٧) عن عمرو البكالي، وعنه عن عبد اللَّه بن عمرو رضي اللَّه عنهما.
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (٥/ ٤٠٥) بلفظ: هو نهر في النَّار يسيل نارًا على حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالاقتحام في النَّار منها.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٢٩٦).
(٤) بعدها في (ر) و (ف): "يوم القيامة".
(٥) رواه البخاري (٦٥٧٣)، والإمام أحمد في "المسند" (٧٧١٧)، وابن حبان (٧٤٢٩)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وعندهم: "بعمله" بدل: "بذنوبه".