{فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}: أي: فلن يَرْشُدوا أبدًا، وهذا في قوم بأعيانهم من المتمرِّدين المتعنِّتين (١) الذين عَلِم اللَّه تعالى منهم أنهم لا يؤمنون.
* * *
(٥٨) - {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}.
وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ}: أي: الساترُ لذنوب العباد، الرحيمُ بترك التعجيل في العقوبة {لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا}: لو أراد أخذهم بما فعلوا من الذنوب {لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ}: الاستئصال في الدنيا.
{بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ}: أي: وقت للعذاب إذا جاء ذلك الوقت لم يتأخَّر عنهم.
وقوله تعالى: {لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا}: أي: من دون اللَّه ملجأً يلجؤون (٢) إليه ويمتنِعون به إذا نزل بهم العذاب.
وقيل: أي: من دون العذاب؛ أي: لن يجدوا شيئًا يلتجئون إليه سوى العذاب.
وقيل: كان هذا العذاب يوم بدر.
وقال السدِّي: هو يومَ القيامة (٣).
* * *
(٥٩) - {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا}.
وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا}: أي: أولئك أهلُ البلاد
(١) في (ف): "بأعيانهم متمردين متعنتين".
(٢) في (ف): "يلتجئون".
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (٥/ ٤٠٧).