تشريفًا ورفعًا (١)؛ كتزكيَةِ المزكِّي الشهودَ، وعلى هذا تكون الواو في أوله زائدةً، أو يضمرُ بعده فعلٌ؛ أي: ولرحمةٍ منا عليه وتزكيةٍ منا إياه فضَّلناه بإيتاء الحكم والكتاب في صباه على كثير من الأنبياء.
وقال عطاء بن أبي رباح: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}؛ أي: تعظيمًا (٢).
وفي حديث ورقةَ بن نوفل حين رأى بلالًا يعذَّب وهو يقول: أحدٌ أحد، أنه قال: واللَّه لئن قتلتُموه لأتّخِذَنَّهُ حنانًا (٣)؛ أي: لأتمسَّحنَّ به ولأجعلنَّه ممن يعظَّم ويُشهر أمرُه ويجعلُ قبرُه مزارًا.
وقيل -وهو قول قتادة-: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا}؛ أي: رحمةً على زكريا استجبنا له وأعطيناه هذا الولد (٤)، ويتصل بقوله: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا}.
وقوله تعالى: {وَكَانَ تَقِيًّا}: أي: يحيى {وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ} وهو أحد وجوه التقوى.
وقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}: أي: متكبِّرًا متعظِّمًا على عباد اللَّه.
وقيل: أي: متمرِّدًا على اللَّه.
وقيل: الجبار: الذي لا يرى لأحد على نفسه حقًّا ولا طاعة.
وقال سفيان: الجبار: الذي يَقتلُ على الغضب (٥)، ومَن قتل اثنين فهو جبَّارٌ
(١) في (ر): "وترفيعًا"، وفي (ف): "وترفعًا".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٧٧).
(٣) رواه ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٣١٨)، وعبد اللَّه بن أحمد في زوائده على "الزهد" (٨٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٤٨)، عن عروة بن الزبير.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٧٦) بلفظ: ورحمة من عندنا رحم اللَّه بها زكريا.
(٥) ذكره الثعلبي في "البسيط" (١٤/ ٢١٠) عن الكلبي.