قال نفطويه: فهذه فُجاءاتٌ ثلاثٌ لا فُجاءةَ أعظمُ منها فسلَّمه فيها.
* * *
(١٦) - {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}.
وقوله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ}: وانتظامُ هذه القصة بقصة زكريا عليه السلام: أن سؤال زكريا الولدَ كان عند مشاهدته حالَ مريم، على ما قال: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} الآيةَ {وَاذْكُرْ} يا محمد {فِي الْكِتَابِ}؛ أي: في القرآن {مَرْيَمَ}؛ أي: اقرأ عليهم في القرآن قصةَ مريم؛ ليقفوا عليها، ويعلموا ما جرى عليها من ولادة عيسى، فيَعتقدوا ذلك فيَسلموا من شرك النصارى، ويعرفوا قَدْرَ الصلاح والتقوى عند اللَّه ممن كان ذكرًا أو أنثى.
وقوله تعالى: {إِذِ انْتَبَذَتْ}: أي: تباعدت.
وقال قتادة: أي: انفردتْ (١)، وقعدتُ نبذةً؛ أي: ناحيةً.
{مِنْ أَهْلِهَا}: أي: قومها الذين هي فيهم (٢) {مَكَانًا شَرْقِيًّا}: موضعًا يلي مشرق الشمس.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إنما اتَّخذت النصارى المشرقَ قبلة وزعموا أنه لو كان شيء من الأرض خيرًا من المشرق لوضعت مريم عيسى به (٣).
وإنما انتبذت عند بعضهم لأنها عطشت فخرجت إلى المفازة تستقي (٤).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٨٣) بلفظ: انفردت من أهلها.
(٢) في (ف): "منهم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٨٤).
(٤) في (ف): "تستسقي".