والتجارةُ: مصدر (تَجَر) من بابِ (دخل)، واتَّجَر افتَعل منه، وجمع التاجر: التَّجْر، كالرَّكْب، والتُّجَّار كالفُجَّار (١)، والتِّجَار كالصِّيَام.
ومعناه: فما ربحوا في تجارتهم، وهي اشتراءُ الضلالة بالهدى، وهو مَجازٌ واستعارةٌ، كالشِّراء، ثم هو مع الاستعارة من مقلوب الكلام؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ} محمد: ٢١؛ أي: عزموا عليه، وقولهِ تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} الفجر: ٤ أي: يُسرى فيه، وقولهِ تعالى: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} سبأ: ٣٣؛ أي: مكرُهم فيهما، ومَن كان على هذا الوجه مُبايعتُه، فقد (٢) خسرتْ صَفْقتُه، وما ربحتْ تجارتُه.
وقوله تعالى: {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}: قد مرَّ في قوله: {بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} البقرة: ١٠ أنَّ (كان) يصلح للماضي والحال والاستقبال (٣)، وهاهنا قد قيل بالوجوه الثلاثة:
قيل: أي: وما كانوا على الهدى، فلذلك خُذلوا، فاختاروا الضلالةَ على الهدى.
وقيل: أي: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} للحال؛ لتَمَسُّكهم بالضلال (٤).
وقيل: أي: وما يكونون مهتدين؛ أي: لا يؤمنون من بعدُ.
وقيل في انتظام هذا بالأول: وما نالوا الهدى حيث اشتروا الضلالةَ بالهدى.
وقيل: إنما يتَّجِر المرءُ للربح والاهتداء (٥)، ولم يكن لهؤلاء رِبْحٌ لا اهتداءٌ.
(١) في (ف): "الفخار".
(٢) "فقد" زيادة من (ف).
(٣) في (ف): "وللحال وللاستقبال".
(٤) في (أ): "في الضلال".
(٥) في (ف): "وللاهتداء".