وقيل: أراد به أنه إذا ذاق (١) مرارة هجره مدةً عاد (٢) إلى موافقته في عبادة آلهته.
وقيل: بل أراد هجره أبدًا؛ لأن الدهر الطويل هو العمر أو الأبد.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما وقتادةُ وعطيةُ والضحاك: {وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}؛ أي: سليمًا عن عقوبتي (٣)، من قولهم: فلان تملَّى عمرَه؛ أي (٤): عاش سالمًا.
* * *
(٤٧) - {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}.
وقوله تعالى: {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ}: أي: {قَالَ} إبراهيم مصاحبًا له بالمعروف، ومحسِنًا في المعاشرة، ومظهِرًا لما وُصف به من الحِلْم بقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} التوبة: ١١٤: {سَلَامٌ عَلَيْكَ}؛ أي: أمانٌ مني لك أن أكافئكَ على إيذائك، ولو حقَّقْتَ بفعلك ما ذكرتَه بقولك: {لَأَرْجُمَنَّكَ}.
وقيل: هو خطابُ وداعٍ؛ أي: هجرتُك كما أمَرْتَني به.
وقيل: هو على معنى قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} الفرقان: ٦٣؛ أي: لا أخاطبُك بمثلِ ما خاطبْتَني (٥) به من الخشونة، وهو قوله تعالى (٦):
(١) في (ف): "أنه أدبه أي أذاقه" وفي (ر): "أنه أدبه أنه أذاقه".
(٢) في (ر): "كي يعود"، وهذا ينسجم مع ما جاء في (ف). انظر التعليق السابق.
(٣) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٥٤ - ٥٥٥).
(٤) في (ر) و (ف): "فلان يملني عمره ما".
(٥) في (أ): "تخاطبني".
(٦) في (ف): "ولكن" بدل: "وهو قوله تعالى".