دخل وبأمري يخرج، فجاء به ملك الموت إلى السماء السادسة، وقال آخرون: إلى السماء (١) الرابعة، وهو حيٌّ هنالك، وذلك قولُه تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} (٢).
* * *
(٥٨) - {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ}: أي: هؤلاء المذكورون في هذه السورة الذين تفضَّل اللَّه عليهم من النبيين {مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ}؛ أي: من ولد آدم.
قال ابن جريجٍ: زعموا أن هذه لإدريس خاصة.
وقوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}؛ أي: في السفينة مع نوح، هو إبراهيم {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ}: هم إسماعيل وإسحاق ويعقوب.
وقوله تعالى: {وَإِسْرَائِيلَ}: أي: ومن ذرية إسرائيل -وهو يعقوبُ- وهم موسى وهارونُ وزكريا ويحيى وعيسى؛ لأن أمَّه مريمَ من ذريته، وكلُّهم من ذرية آدم، ولكن جُعل مَن قَرُب من آدم من ذريته، وجُعل مَن بَعُدَ منه من ذريةِ مَن قرُب منه تشريفًا لكلِّ واحدٍ بأبٍ يَقرب منه، ثم كلُّهم يرجعون إلى آدم فيشتركون في هذه الفضيلة ويتفاضلون فيما خُصُّوا به.
وقوله تعالى: {وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا}: أي: وهم ممن هديناهم واصطفيناهم، وهو جمعٌ بين فضيلتين، كقولك: زيد من نسل فلانٍ ومن قومٍ صالحين.
وهذا كلُّه في محل المبتدأ، ثم خبرُه في قوله:
(١) "إلى السماء" من (أ).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٢٢٠).