وقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ}: أي: المشتهَيات، فلم ينظروا بعقولهم إلى العواقب، ولم يتحملوا مشاقَّ العبادات، ومالوا إلى ما يَخِفُّ على الطباع من طلب الراحات.
والصلاة أريد بها الجنس وهي الصلوات، ولعل السورة سيقت في هذا (١) المقصد، فإن المشركين كانوا يأنفون من السجود، حتى كان بعضهم يشترط عند إرادة الإسلام ألَّا يجبِّيَ؛ أي: لا ينحنيَ للركوع والسجود، فذكر اللَّه تعالى أن جميع الأنبياء والأولياء كانوا خاشعين خاضعين للَّه ساجدين راكعين:
فذكر زكريا أولًا، ودعاءه في صلاته، وخروجَه من المحراب وهو موضع الصلاة، والإشارةَ {سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} وهو الصلاة.
وقال في ولده يحيى: {وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا}؛ أي: متكبرًا عن العبادة للَّه والصلاةِ له.
وقال في مريم: {إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} وكان ذلك للاغتسال للصلاة، ومن خطابه لمريم: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} آل عمران: ٤٣، وقال تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} آل عمران: ٣٧ وهو موضع الصلاة.
وقال في حق عيسى: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ}.
وقال في حق (٢) إبراهيم صلوات اللَّه تعالى عليه: إنه نهى أباه عن عبادة الأوثان وأمره بعبادة الرحمن.
وقال في حق (٣) موسى عليه السلام: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَن} وكان في
(١) في (ف): "سيقت لهذا"، وفي (ر): "سبقت وهذا".
(٢) "حق" من (ف).
(٣) "حق" من (ف).