وقوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}: استفهام بمعنى التحجُّب والإنكار، وقوله: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا}؛ أي: من القبر.
وقيل: هو أبيُّ بن خلف الجُمَحي؛ أي: يقول هذا الإنسان المنكِر للبعث، وهو الذي يترفَّع عن الصلاة والخدمة للَّه تعالى، مخالفًا للأنبياء الذين ثبتوا (١)، وموافقًا للَّذين أضاعوا الصلاة واتَّبعوا الشهوات؛ لإنكاره البعث ولولاه ما فعَل كذلك: {أَإِذَا مَا مِتُّ} لأُبْعَث وأُخرج من القبر، مستعظِمًا له منكِرًا لكونه.
* * *
(٦٧) - {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}.
وقوله تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي: {يَذَّكَّرُ} بتشديد الذال والكاف، وأصله: يَتذكَّر، فأدغمت التاء في الذال؛ أي: أفلا يتذكَّر ويَحضره قلبه، وقرأ الباقون مخفَّفًا من الذكر الحاضر في القلب (٢).
وقوله تعالى: {أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا}: وهذا حجَّتُنا على المعتزلة في أن المعدوم ليس بشيء حالَ عدمه؛ أي (٣): أوجَدْناه، والإعادةُ كذلك، وهو كقوله: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} يس: ٧٩.
* * *
(٦٨) - {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا}.
وقوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ}: أَقْسَم بنفسه وأضاف نفسَه إلى نبيِّه، وهذا تعظيم لقَدْره، وهو تأكيدُ الخبر عن البعث بعد إقامةِ الحجة عليهم.
(١) في (أ): "ثبتنا"، وفي (ف): "بينا".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤١٠)، و"التيسير" (ص: ١٤٩).
(٣) في (ف): "يعني".