(٧٥) - {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا}.
وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}: أي: قل لهم يا محمد: مَن كان في الشرك والجحود فلْيَعِش ما شاء من المدة الطويلة، وأضاف المَدَّ إلى نفسه لأنه هو الذي يُعَمِّر ويُبقي في الدنيا أهلَها، فإن طول عمره لا يمنع اللَّه تعالى مما يريد به عاجلًا أو آجلًا (١).
وقيل: أراد به المدَّ في الضلالة؛ كقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} البقرة: ١٥، وقولهِ: {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} آل عمران: ١٧٨، وهذا صيغته صيغةُ أمر ومعناه الخبر؛ كقوله: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً} الإسراء: ٥٠، وقالوا: من عادة العرب تأكيدُ الخبر بصيغة الأمر، قال تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} العنكبوت: ١٢.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ}: أي: على شركهم من أحد هذين: {إِمَّا الْعَذَابَ}؛ أي: العاجلَ {وَإِمَّا السَّاعَةَ}؛ أي: القيامةَ.
وقوله تعالى: {فَسَيَعْلَمُونَ}: أي: فسوف يعلمون في القيامة {مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا}: أهُم أم المؤمنون.
وقوله تعالى: {وَأَضْعَفُ جُنْدًا}: أي: أقلُّ ناصرًا؛ أي: لا يبقَى لهم ناصرٌ ولا مقامٌ ولا نديٌّ، وكانوا يقولون: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا} والمقام هاهنا هو ذلك المقام؛ أي: يعلمون أن ما أُوتوه من المقام والنَّديِّ لم يكن لعزِّهم وشرف محلِّهم (٢) عند اللَّه، بل المؤمنون هم أشرفُ عند اللَّه محلًّا.
(١) في (أ): "مما يريده عاجلًا وآجلًا".
(٢) في (ر) و (ف): "وشرفهم".