وقوله تعالى: {وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا}: هؤلاء المشركين المذكورين في هذه الآيات، واللُّدُّ: جمع الأَلدِّ، وهو شديدُ الخصومة، قال تعالى: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} البقرة: ٢٠٤ والمصدر: اللَّدَد.
وقال أبو عبيدة: هو الذي لا يقبل الحقَّ ويدَّعي الباطل (١).
وقال الخليل: وهو الشديدُ الخصومة العسيرُ الانقياد (٢)، وكان مشركو قريش كذلك، قال تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} الزخرف: ٥٨.
* * *
(٩٨) - {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}.
وقوله تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}: ثم (٣) هوَّن اللَّه على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خصامهم وعنادهم، وقال: وكثيرًا أهلكنا قبل هؤلاء من قرونٍ كثيرة مثلَ قوم نوحٍ وقوم صالحٍ وقوم لوطٍ وقوم شعيبٍ وغيرِهم؛ لمخالفتهم أنبياءهم.
وقوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ}: أي: هل تُبصر.
وقوله تعالى: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}: هو الصوتُ الخفيُّ في (٤) الحركة؛ أي: قد ذهبوا وبادُوا فلا عينَ لهم ولا أثر، فكذلك هؤلاء أيضًا إن (٥) أعرضوا عن تدبُّر ما يسَّرناه بلسانهم من القرآن، الذي لهم فيه الشفاء والبيان، فعاقبَتُهم الهلاكُ فليَهُنْ عليك أمرهم.
(١) انظر: "مجاز القرآن" (٢/ ١٣).
(٢) انظر: "العين" (٨/ ٩).
(٣) "ثم" زيادة من (أ).
(٤) في (أ): "و".
(٥) في (ف): "إذا".