(٣٧ - ٣٨) - {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى}.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى}: أي: منَنَّا عليك الآن بإيتائك سؤلَك، وقد سبقت منا (١) مننٌ أخرى عليك، ثم فسَّرها فقال:
{إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى}: أي: ألهمناها، قاله الحسن (٢).
* * *
(٣٩) - {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}.
وقوله تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ}: أي: ارميه، هذا هو اللغة، ومعناه: ضعيه فيه.
قوله تعالى: {فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ}: أي: البحر، وذلك حين كان فرعون لعنه اللَّه يأمر بقتل الذكور من الولدان وخافت أمه عليه، فألهمها اللَّه ذلك.
وقوله تعالى: {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ}: صيغة أمر ومعناه الإخبار، وتقديره: يُلْقِه بالساحل؛ أي: بالشطِّ، واليمُّ: النِّيل، وهو كقوله: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} العنكبوت: ١٢؛ أي: نحملْ خطاياكم.
ومعناه: يسير به الماءُ على الجانب لا في وسطه فيغرقَ.
وقوله تعالى: {يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ}: قيل: مَن أخَذه من الماء مِن خدَم فرعون. وقيل: هو فرعون؛ لأن حاصل أَخْذِه كان عنده.
(١) في (أ): "وقد سلفت لنا".
(٢) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٩٤١) عن ابن عباس، وقال: وروي عن الحسن.