والثاني: أن بعضَ العرب لا يحذفُ حرفَ العلة للجزم؛ قال الشاعر:
هُزِّي إليك الجذعَ يجنيكِ الجنَى (١)
لاستقام (٢).
* * *
(٧٨) - {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}.
وقوله تعالى: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ}: أي: فسَرى بهم فأَتْبعهم فرعون؛ أي: لحِقَهم {بِجُنُودِهِ}؛ أي: كاد يلحقُهم.
وقوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}: أي: فأتاهم منه ما أتاهم.
وقيل: غطَّاهم منه ما غطَّاهم، وهو عبارةٌ عن تعظيمِ الأمر، يقال: أصاب فلانًا ما أصابه، ويقال: إن كان فلانٌ عصى (٣) فقد جرى عليه ما جرى، وهو قريبٌ من قولهم: فلانٌ ما فلان، ونظيره في القرآن: {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ} و: {الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ}، وهذا بيان أنه ليس بكلامٍ مجمَلٍ لا يفهم.
وقيل: هو إشارة إلى ما ذكر قبل نزول هذه الآيات في مواضع أُخر من بيان قصتهم (٤)، أنهم غرقوا وغشيهم ماء البحر، فهذه إشارةٌ إلى أنه أصابهم ما بينَّاه في
(١) الرجز في "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٦١) و (٢/ ١٨٧)، و"تفسير الطبري" (١٦/ ١٢٢)، و"البسيط" للواحدي (١٤/ ٤٧٥). قال الفراء: وأنشدني بعض بني حنيفة، فذكره، وقبله:
قال لها من تحتها وما استوى
(٢) "لاستقام" من (أ)، وهي جواب "لو" في قوله: "ولو قيل: {وَلَا تَخْشَى}. . . ".
(٣) في (ف): "يعصي"، وفي (ر): "يقضي".
(٤) في (أ): "في موضع آخر من بيان قصصهم".