وقيل: قذفناها (١) في حفيرةٍ اتَّخذها السامري لذلك.
وقوله تعالى: {فَنَسِيَ}: قيل: معناه: قال السامري: فنسي موسى أنه هو وضلَّ عنه فذهب يطلب غيره، أو: ذهب يطلبه في موضع آخر ونسي أن يذكر لكم أن هذا إلهُه.
* * *
(٨٩) - {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}.
وقيل: بل معناه: قال اللَّه جلَّ جلالُه: فنسي السامري؛ أي: ترك دينَ الإسلام وبدَّله بعبادة العجل، أو نسي الاستدلال على أن العجل لا يجوز أن (٢) يكون إلهًا، بدليل أنه قال: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}: وهذا النسيان بمعنى التركِ والإعراض عن التأمل.
{أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا}؛ أي: لا يردُّ، وهو كقوله: {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ} الآية الأعراف: ١٤٨، وإنما لم يُنصب {يَرْجِعَ} بـ {أنْ} لإضمار الهاء، وتقديره: أنه لا يرجعُ.
وقيل: لأن (لا) بمعنى (ليس) فلم تعمل.
وقد مرت القصة بفوائدها والأقاويلِ فيها في سورة الأعراف.
وقالوا: الذهب الذي كان غنيمةً لهم صار سببَ الفتنة، فكيف بذهب الحرام والشبهة؟
وقال القشيري رحمه اللَّه: لمَّا قالوا: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} الأعراف: ١٣٨ وقد رأوا عبدةَ الأصنام وكانت على صورة العجل، وسمع السامري ذلك، وتقرَّر عنده أنه مستكنٌّ في قلوبهم، صاغ العجل على تلك الصورة.
(١) في (ف): "فقذفناها" بدل: "وقيل: قذفناها".
(٢) "يجوز أن" من (أ).