وعلى القول الآخَر: لمَ جعَلْتني لا أهتدي لشيءٍ وقد كنتُ عالمًا بوجوه الحيَل مهتديًا إليها.
* * *
(١٢٦ - ١٢٧) - {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.
وقوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا}: أي: تركتَها وتناسَيْتَ عنها {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}: أي: تترك في العقوبات كالمنسيِّ لا يُذكر ولا يُخلَّص.
وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ}: وجاوَزَ الحدَّ في المعصية حتى انتهى إلى الشرك.
وقوله تعالى: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}: أي من المعيشة الضَّنْك في الدنيا وفي القبر، ومن العمى في القيامة.
* * *
(١٢٨ - ١٢٩) - {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (١٢٨) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى}.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ}: أي: أفلم يبيِّنْ (١) لهم، استفهامٌ بمعنى الإثبات.
وقوله تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ}: {كَمْ} في موضع الرفع، وتقديره:
(١) في (أ): "أفلم يتبين"، وفي (ر) و (ف): "أولم نبين". والصواب المثبت؛ لأن الأول لازم، والثاني فاعله ضمير الجلالة، وكلاهما لا يستقيم مع ما سيأتي، حيث فيه أن للفعل فاعلًا ظاهرًا أو آخر مقدرًا، ومفعولًا مضمرًا مقدرًا أو آخر مذكورًا.