ويعرِّف الكفار أنهم عليهم السلام كانوا بشرًا عاشوا ما قدِّر لهم ثم قبضهم اللَّه إلى رحمته، فمحمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كأحدهم، فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا}.
قيل: هذه الثلاثُ كلها في (١) التوراة:
هي فرقانٌ يُفْرَق به بين الحق والباطل والهدى والضلال.
وهي ضياءٌ يُهتدى به إلى الحق ويُتوصَّل به إلى سبيل النجاة.
وهي ذكرٌ؛ أي: تعريفٌ لِمَا بالناس من حاجةٍ إليه، ووعظٌ وتنبيه.
وعطفُ بعض هذه الصفات على البعض كالعطف في قوله تعالى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} آل عمران: ٣٩.
وقيل: بل {الْفُرْقَانِ} هو نصرهما على العدو، والفرقان: النصر؛ قال اللَّه تعالى: {يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} الأنفال: ٤١، أو فرقُ البحر قال اللَّه تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} البقرة: ٥٠، والضياء اسم للتوراة، والذكرُ الوعظ.
وقوله تعالى: {لِلْمُتَّقِينَ}: وفي الحقيقة الضياء والذكر للكلِّ، لكن انتفع بذلك المتَّقون فخصَّهم بالإضافة إليهم؛ كما قال: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} النازعات: ٤٥.
* * *
(٤٩ - ٥٠) - {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩) وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ}.
وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ}: هو وصف المتقين.
(١) في (أ): "هي".