(٦٨ - ٦٩) - {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ}: ولمَّا لم يجدوا عليه حجةً قالوا: حرِّقوه بالنار.
قال ابن عمر رضي اللَّه عنهما: أشار به عليه رجل من أكراد فارس اسمه: هيرز (١).
وقوله تعالى: {وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ}: بإهلاك مَن يسبُّها ويَعِيبُها {إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ}: ناصرين آلهتكم.
وقوله تعالى: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا} وهاهنا أيضًا مضمرٌ، وهو قوله: فأوقَدوا له نارًا وألقَوه فيها فـ {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا} {وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ}.
وقصة ذلك: أن إبراهيم عليه السلام لما بيَّن لهم عيبَ أصنامهم قال له نمرود لعنه اللَّه: أرأيت إلهك ما هو؟ صفه لي، فقال: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} البقرة: ٢٥٨ إلى آخر تلك القصة.
ثم حبسه نمرود اللعين في السجن سبع سنين، فدعا أهلَ السجن إلى الإيمان والإسلام، فأسلم كثير منهم، ثم أخرجه واتَّفقوا على تحريقه بالنار، وبنَوا له بنيانًا طويلًا طولُه ستُّون ذراعًا، ونادى نمرود في الناس بجمع الأحطاب، فاشتغل كلُّ الناس بجمع الحطب وحمله على كل الدوابِّ أربعين يومًا، فملؤوا البنيان منه وبلَّطوا جداره وسدُّوا أبوابه بالنحاس المذاب، وقذفوا فيه النارَ فاشتعل لهبُها وسطع
(١) رواه دون تسمية الكردي: الطبري "تفسيره" (١٦/ ٣٠٥). وفيه عنعنة ابن إسحاق وضعف ليث بن أبي سليم. ورواه الطبري أيضًا عن مجاهد، وروى عن شعيب الجبائي قال: إن الذي قال: {حَرِّقُوهُ} (هيزن) فخسف اللَّه به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.