وقوله تعالى: {قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا}؛ أي: كوَّنها بردًا وسلامةً على إبراهيم (١)؛ كما قال: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} البقرة: ٦٥.
وقيل: خاطبها وركَّب فيها تمييزًا وأمرها أن تسلِّم على إبراهيم.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لو لم يقل: {وَسَلَامًا} لأهلكته النار ببردها (٢).
* * *
(٧٠ - ٧١) - {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}.
وقوله تعالى: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا}: أي: قوم نمرود أرادوا أن يكيدوا بإبراهيم؛ أي: يحتالوا لإهلاكه {فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ}؛ أي: الأخيَبين؛ لأنَّه إذا سعى ولم يدرِك ما طلبه فقد خَسر سعيُه.
وقوله تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}: أي: خلَّصنا إبراهيم وابنَ عمه لوطًا من نمرود وقومه وأرضهم، وأخرجناهما منها إلى أرض الشام.
وقيل: كانوا مُكوثًا في أرض العراق، فخرج مهاجرًا إلى أرض الشام وفيها بركة الدِّين؛ لأنَّها منزل الأنبياء وبركةُ الدنيا لكثرة الماء والأشجار؛ هذا قول قتادة (٣).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إلى مكة؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} آل عمران: ٩٦ (٤).
(١) "أي: كونها بردًا وسلامة على إبراهيم" ليس في (ف). وفي (ر): "وسلامًا" بدل: "وسلامة".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣٠٦)، والفرْيابيّ وعبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٥/ ٦٤٠).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣١١ - ٣١٢)، عن قتادة ورواه أيضًا عن أبي بن كعب والحسن وغيرهم.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣١٤).