(٨٠) - {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ}: أي: اتِّخاذَ الدروع بإلَانة الحديد له؛ كما قال: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} سبأ: ١٠، وقوله تعالى: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} سبأ: ١١.
وقيل: هو أولُ مَن عمِلها.
وقوله تعالى: {لِيُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}: أي: ليُحرزكم، وفيه ثلاثُ قراءات: بالياء والتاء والنون (١)، فالياءُ مردودةٌ على اللَّه أو على اللَّبوس، والتاءُ على الصَّنعة، والنونُ على قوله عز وجل: {وَعَلَّمْنَاهُ}.
والبأس: الحرب؛ أي: تقيكم في الحروب من القتل والجراح (٢)؛ كما قال تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} النحل: ٨١.
واللبوس: ما يلبس من ثوب أو درع، قال الشاعر:
البَسْ لكلِّ حالةٍ لَبوسَها... إمَّا نعيمَها وإمَّا بوسَها (٣)
وقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ}: استفهام بمعنى الأمر.
وقيل: معناه: أن داود عليه السلام لمَّا كان (٤) هو أولَ مَن عمِل ذلك، فتَوارثَها
(١) قرأ ابن عامر وحفص: {لِتُحْصِنَكُمْ} بالتَّاء، وأبو بكر بالنُّون، والباقون بالياء. انظر: "السبعة" (ص: ٤٣٠)، و"التيسير" (ص: ١٥٥).
(٢) في (أ): "والجرح".
(٣) الرجز لبيهس الفزاري؛ كما في "أمثال العرب" للمفضل الضبي (ص: ١١١)، و"الفاخر" للمفضل بن سلمة (ص: ٦٣)، ودون نسبة في "العين" (٧/ ٢٦٢)، و"إصلاح المنطق" (ص: ٢٣٦)، و"البسيط" للواحدي (١٥/ ١٤٢).
(٤) "لما كان" من (أ).