وتقديره: يجعلون أصابعهم في آذانهم تحرُّزًا من الصواعق، أو: خوفًا من الصواعق.
والألف واللام في {الصَّوَاعِقِ} بدلُ الإضافة؛ أي: من صواعقِ الرعد وصواعقِ الصَّيِّب، وهو كقوله تعالى: {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النازعات: ٤١؛ أي: مأواه.
وقوله تعالى: {حَذَرَ الْمَوْتِ}: الحذر: الخوفُ الباعثُ على التحفُّظ والتيقُّظ، ورجلٌ حَذِرٌ وحَذُرٌ -بكسر الذال وضمِّها- من ذلك، وطيرٌ حَذِرٌ؛ أي: يتحفَّظ (١) في شربه والتقاطِ حَبِّه.
والموت: زوالُ الحياة.
ونُصب {حَذَرَ} على أنه مفعولٌ له؛ أي: لأَجْل حذَرهم من الموت يفعلون كذلك.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}: الإحاطة: إدراك الشيء بكماله من كلِّ جهاته، ويُستعمل في العلم بالشيء من كلِّ وجوهه، قال تعالى: {أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} الطلاق: ١٢، ولإهلاكِ الشيء بكلِّيَّته، قال تعالى: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} الكهف: ٤٢، وقال تعالى: {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} يوسف: ٦٦ أي: تَهلكوا جميعًا.
وتفسيرُه هاهنا عند بعضهم: أي: يُميتهم إن شاء فلا فائدةَ لحذَرهم.
وقيل: أي: هو عالم بالكفار فيُطْلعُ رسولَه على أفعالهم.
وقيل: أي: عالم بهم فيجازيهم يوم القيامة بأعمالهم.
وقيل: أي: يجمعهم في جهنم بما فعلوا، وفي قوله: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} البروج: ٢٠؛ أي: لا يخرجون عن ملكه وعلمه وقدرته.
* * *
(١) في (ف): "منخفض".