وقوله تعالى: {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا}: أي: تُسقط الحبالَى أولادها من الفزع، والحمل بالفتح: ما كان في البطن، وبالكسر: ما كان على رأسٍ أو ظهر.
قالوا: وهذا يدل على أن هذه الزلزلة (١) في الدنيا؛ لأنَّه لا حملَ ولا إرضاع بعد البعث.
وقيل: بل هو يومَ القيامة، وإن ماتت حاملًا تبعث (٢) حاملًا فتضع حملها للهول.
وقيل: هو مَثَلٌ؛ أي: هول ذلك اليوم على وجهٍ لو كان مثلُه في الدنيا لوضعت الحوامل وذَهَلت المراضع من شدته.
وقوله تعالى: {وَتَرَى النَّاسَ}: خطاب لغيرِ معيَّنٍ؛ أي: أيها الناظر (٣) {سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى}، قرأ حمزة والكسائي: {سَكْرى} فيهما (٤)، والباقون بالألف فيهما (٥)، وهما جميعًا جمع سكران، وسكران وسُكارى كالكسلان والكُسالى، وسَكْران وسَكْرى كالعطشان والعَطْشى.
أي: تراهم من الدَّهش على حالٍ يُشاكلُ السُّكْرَ وما هم بسكارى على الحقيقة، لا أنه (٦) من الشراب.
ثم هذا ليس بتناقضٍ؛ لأنَّه لم يقل: هم سكارى وما هم بسكارى، بل قال: {وَتَرَى النَّاسَ}، وهو كقولك في السراب: ترى هناك ماءً وليس بماءٍ، وهو معنى قول
(١) في (ف): "على أن هذا الولد لها".
(٢) في (أ): "ومن ماتت حاملا بعثت".
(٣) في (ف): "أي رأيها"، وفي (ر): "أي رأيتها".
(٤) في (أ): "سكرى وما هم بسكرى".
(٥) انظر: "السبعة" (ص: ٤٣٤)، و"التيسير" (ص: ١٥٦).
(٦) في (أ) و (ر): "لأنه".