والحجة على مَن دعا من دون اللَّه شيئًا أنزلنا القرآن كلَّه {آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ}؛ أي: علامات يُهتدَى بها إلى الحق.
قوله تعالى {وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ}؛ أي: وأنزلنا أن اللَّه يهدي من يريد، ولذلك فتح (أنَّ) في قوله: {وَأَنَّ اللَّهَ} لوقوع (أنزلنا) عليه؛ أي: لا اهتداء إلا بإرادته (١).
وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}: فسرناه في سورة البقرة.
وهذا مبتدأ وخبره: {إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: وهو كقولك: إن زيدًا إنَّ الخير عنده لَكثير، وهو الجواب بجملة تامة، وهو كقول جرير:
إنَّ الخليفة إنَّ اللَّه سَرْبَله... سربالَ ملكٍ به تُرْجَى الخواتيمُ (٢)
يقول: إن اللَّه ليس بغافلٍ عن أعمال الأمم المختلفة الأديان، وعما يعتقدونه ويقولون به، وإنه يفصل بينهم؛ أي: يقضي بينهم (٣) يوم القيامة فيما هم فيه مختلفون، فيَمِيز المحقَّ منهم من المُبْطِل، ويجزي كل واحد على وَفق عمله.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}: عالمٌ به حاضرٌ له لا يَعْزُب عنه شيءٌ، فهو حافظٌ لذلك كلِّه حتى يوصِل إلى كلِّ واحد منهم يوم الحساب (٤) جزاءه؛ أي: فلينظر كلُّ امرئ ما يعتقِد وما يقول وما يفعل، وهو أبلغ وعيد.
* * *
(١) في (ر): "أي لا يهتدى إلا بإذنه".
(٢) البيت لجرير، وهو في "ديوانه" (٢/ ٦٧٢).
(٣) "يقضي بينهم" ليس في (أ).
(٤) في (ر): "القيامة".