وعلى القول الثاني -أن الشعائر البدن- فالمنافع: ركوب ظهورها عند الحاجة، وشرب ألبانها عند الضرورة، ثم مَحِلُّ الشعائر إلى البيت العتيق؛ أي: نحرُها يكون في الحرم، فالبيت العتيق عبارة عن كل الحرم كما قلنا في المسجد الحرام.
* * *
(٣٤) - {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}.
وقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا}: قرأ حمزة والكسائي بكسر السين والباقون بفتحها (١)، ومعناهما واحد؛ أي: لكلِّ أهل دين سَلَفوا قبلكم شَرَعْنا قرابين.
وقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}: أي: ليتقرَّبوا بها ويذبحوها على اسم اللَّه دون أسماء الأصنام.
{فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}: أي: إلهكم وإلهُ الأمم كلِّها واحدٌ، والواجب أن يُتقرب إليه ويُذكر على الذبائح اسمُه دون اسم غيره.
وقوله تعالى: {فَلَهُ أَسْلِمُوا}: أي: انقادوا بالعبودية (٢).
{وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}؛ أي: المطمئنِّين إلى وعد اللَّه، الخاشعين له، والخبت في اللغة هو المطمئن من الأرض.
وقال الخليل: الخبت: ما اتَّسع من بطون الأرض (٣).
فعلى هذا: المخبتُ هو الواسع الصدرِ في احتمال المكاره.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٤٣٦)، و"التيسير" (ص: ١٥٧).
(٢) في (أ): "لعبوديته".
(٣) انظر: "العين" (٤/ ٢٤١).