وذكر بعض المفسرين أن الصحابة رضوان اللَّه عليهم لمَّا اشتدَّ عليهم أذى المشركين قبل الهجرة استأذنوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتل مَن قدروا على قتله سرًّا فلم يؤذَن لهم (١)، ووعدهم اللَّه تعالى بالدفع عنهم، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} لِمَا همُّوا به من قتلهم سرًّا، فلما هاجروا وقَرُّوا أذن لهم في قتالهم (٢).
وقوله تعالى: {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}: أي: بسببِ أن المشركين ظلموهم في صدِّهم عن المسجد الحرام وإظهارِ دينهم.
{وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}: يُورثهم ديارَ عدوِّهم، ويَشفي به صدورهم، وهو إشارة إلى البشارة بذلك، وهذه الآية أول آية أُنزلت في الأمر بالقتال (٣).
* * *
(٤٠) - {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}.
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ}: وهو بيان قوله تعالى: {بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}.
{أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ}: هو استثناءٌ منقطع بمعنى: لكن؛ أي: {أُخْرِجُوْا. . . بِغَيْرِ حَقٍّ}؛ أي: من غير أن يستحقوا ذلك ويحقَّ عليهم ذلك، لكنْ لأنهم قالوا: {رَبُّنَا اللَّهُ} وحده لا شريك له على خلاف قولهم.
= "السبعة" (ص: ٤٣٧)، و"التيسير" (ص: ١٥٧).
(١) في (ر) و (ف): "يؤذنوا".
(٢) ذكره الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٥٧٦) وقال: هذا قول ذكر عن الضحاك بن مزاحم من وجه غير ثبت.
(٣) في (ف): "في أمر القتال".