قوله {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا}: قرأ عاصم في رواية أبي بكر وابنُ عامر: {عظمًا} {فكسونا العظم لحمًا} على الواحد موافَقةً لِمَا قبلها (١)، وقرأ الباقون: {عِظَامًا} {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} كذلك (٢)؛ لأن الوجود كذلك.
أخبر أنه تعالى خلق الإنسان درجةً فدرجةً، إلى أن صارت النطفة التي هي كالماء عظمًا بما أَبْدع فيها عَرَضًا بعد عَرَضٍ.
قوله تعالى {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ}: أي: نفَخْنا فيه الروح فصار روحانيًا حيوانًا (٣) بعد أن كان جمادًا.
وقيل: هو نبات الشعر.
وقيل: هو تصريفُه إياه بعد الولادة في الطفولية وما بعدها.
وقال ابن عمر رضي اللَّه عنهما: {خَلْقًا آخَرَ} هو استواءُ الشباب (٤).
وقيل: هو جعله (٥) ذكرًا أو أنثى.
وقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}: قيل: تَعَظَّم. وقيل: دامت نعمُه وبركاته على خلقه. وقيل: تعالى.
وقيل: هو دوام بقائه؛ أي: المصوَّرون والمقدَّرون ليسوا بهذه الصفة، ولذلك قال بعده:
(١) في (ف): "لما تقدمه".
(٢) "كذلك" زيادة من (أ). وانظر: "السبعة" (ص: ٤٤٤)، و"التيسير" (ص: ١٥٨).
(٣) في (ف): "بروحنا حيوانًا"، وفي (ر): "روحانيًا نباتًا حيوانيًا".
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٤٢)، والواحدي في "تفسيره" (١٥/ ٥٤١)، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٢٤) عن مجاهد.
(٥) في (ر) و (ف): "خلقه".