(٤٧ - ٤٨) - {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (٤٧) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ}.
وقوله تعالى: {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا}: أي: أنصدِّق آدميَّينِ مثلَنا في ادِّعاءِ الرسالة من اللَّه في وجوب الانقيادِ لهما علينا {وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}؛ أي: وبنو إسرائيل لنا مطيعون يَرون أنفسهم لنا عبيدًا فكيف نكون نحن مطيعين لهما؟!
وقيل: {عَابِدُونَ}: دائنون.
{فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ}: فصاروا من المغرقين في اليم.
* * *
(٤٩ - ٥٠) - {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (٤٩) وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}: التوراة {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}؛ أي: ليهتدوا بها إلى الحق.
{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ}: أي: عيسى {وَأُمَّهُ}؛ أي: مريم {آيَةً}: ولم يقل: آيتين؛ لأنهما باجتماعهما صارا آيةً واحدة، وهي ولادتُها إياه من غيرِ أب، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} الإسراء: ١٢؛ لأن كل واحدٍ منهما آيةٌ على حِدَة.
ومعنى هذه الآية: وجعلناهما {آيَةً}؛ أي: علامةً يُستدل بها على قدرتي على اختراع الأجسام من غيرِ أصل كما خلقتُ عيسى من غيرِ أبٍ، وعلى أنِّي المتفرِّدُ (١) بالخلق والاختراع لا خالقَ غيري، وعلى صدقِ عيسى في دعوى النبوة، فلم أُخْلِ الناس في كلِّ وقتٍ من رسولٍ يدعوهم إلى الحق.
(١) في (ر) و (ف): "المنفرد".