قال سعيد والضحاك: {وَمَعِينٍ} مفعول من عِنْتُه أَعِينُه؛ أي: أصبتُه بعين (١).
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هذا الإيواءُ كان عند الولادة، وهو كما ذكر في سورة مريم: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} مريم: ٢٤ الآيات.
وقيل: كان هذا حين فرَّت مريم بابنها إلى مصر، فكانا بها سنين، ثم رجعت به إلى أهلها بعدما مات الملك الذي كانا هربا منه.
* * *
(٥١) - {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}:
قيل (٢): أي: كنَّا نقول لكلِّ هؤلاء: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} وإضمار القول في القرآن كثير.
وقيل: كان هذا خطابًا لعيسى عليه السلام على إضمار القول، وتسميةُ الواحد بالجماعة تشريفٌ له.
وقيل: هو خطاب للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك بغير إضمار القول، وتسميتُه بالرسل لكونه أفضل الرسل وسيدَ الرسل (٣).
(١) انظر: "تفسير الطبري" (١٧/ ٥٧ - ٥٨). واللفظ المذكور هو للطبري، وقد روى قبله عن سعيد والضحاك قولهما في معنى المعين: هو الماء الظاهر، ولعل هذا هو المراد من كلام الطبري، فقد قال ابن كمال باشا في "تفسيره" عند هذه الآية: المَعينُ الماءُ الجاري على وجه الأرض، مفعول مِن عَانَه: إذا أدركه بالعَيْن، نحو رَكَبَهُ: إذا ضربَه بالرُّكْبَةِ؛ أي: يُدْرَكُ بالعَيْن لظهوره، فميمه على هذا زائدة.
(٢) "قيل" من (أ).
(٣) في (ف): "المرسلين".