وانتظامُ أولِ هذه السورة بآخر تلك السورة: أنه قال في ختم تلك السورة: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وقال في افتتاح هذه السورة: {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
وانتظام السورتين: أن تلك السورةَ في معرفة اللَّه وصفاته، وذكرِ الكفر وبطلانه، وبيان العبادة والمعاملة والوعدِ والوعيد، وهذه السورة كذلك، إلا أن تلك ذكرُ المعاملة فيها (١) أكثرُ لأنها مدنية، وبيان التوحيد في هذه السورة أكثر لأنها مكية.
* * *
(١) - {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}.
وقوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ}: قيل: عَظُم، وقيل: تعالى، وقيل: كَثُر خيرُه، وقيل: دام بِرُّه، وقيل: تبارك اسمُه.
الذي أوحَى القرآن {عَلَى عَبْدِهِ}: أي (٢): إلى عبده المصطفى محمدٍ.
{لِيَكُونَ} اللَّه، وقيل: ليكون عبده، وقيل: ليكون الفرقان.
{لِلْعَالَمِينَ}: لأهل الدنيا كلها، وقيل: للقرون كلها إلى يوم القيامة {نَذِيرًا} مخوِّفًا بالقيامة وما فيها لمن خالفه.
* * *
(٢) - {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}.
وقوله تعالى: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: على الخُلوص، هو الذي خلقهما فلا شريكَ له فيهما.
(١) في (ف): "في تلك السورة".
(٢) "على عبده أي" من (ف).