بالواو والنون وهو فعلُ الجماد؛ لأنَّهم اعتقدوها آلهةً (١) عالمةً قادرة.
وقوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا} أنْ (٢) يدفعوه عن أنفسهم {وَلَا نَفْعًا} يجرُّونه إليها {وَلَا يَمْلِكُونَ} إماتة أحدٍ، ولا إبقاءَه حيًّا، ولا إنشاءه بعد موته، واللَّه تعالى يقدر على ذلك كلِّه.
وقيل -وهو الصحيح-: دخل في ذلك الملائكةُ والأنبياء، ولذلك جمَع أفعالَهم بالواو والنون، ويدل عليه ما ذكر بعده: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} الفرقان: ١٧، وعلى هذا يكون قوله: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}؛ أي: لا يملكون ذلك بأنفسهم بل بتمليك اللَّه جلَّ جلاله.
* * *
(٤) - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا}.
وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ}: أي: ما هذا الذي جاء به محمد الذي يزعُم أنه من عند اللَّه إلا كذبٌ اختلَقه واخترعه من عند نفسه.
وقوله تعالى: {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}: قال مجاهد: أي: اليهود.
وقال الحسن: أي: عبدٌ حبشيٌّ كان لابن الحضرمي (٣)، وكان كاهنًا في الجاهلية.
وقيل: {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ}؛ أي: على اختلاقه {قَوْمٌ آخَرُونَ} قرؤوا الكتب المتقدِّمة وأقاصيصَ الأولين. وقال اللَّه تعالى في ردِّهم:
(١) "آلهة" ليست في (أ).
(٢) في (ر): "أي"، وفي (ف): "أي لن".
(٣) ذكره يحيى بن سلام في "تفسيره" (١/ ٤٦٦).