ويحتمل أن يكون معناه: هلا جُعلَ الرسولُ من الملائكة دون البشر.
ويحتمل: هلا أنزلهم علينا فيَشهدوا أن محمدًا محقٌّ في دعوى الرسالة {أَوْ نَرَى رَبَّنَا} عِيانًا فيخبرَنا هو برسالته.
وقوله تعالى: {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ}: أي: لقد تعظَّموا في نفوسهم حتى تحكَّموا على اللَّه تعالى هذا التحكُّمَ {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}؛ أي: وتمرَّدوا غايةَ التمرُّد في ردِّ حُجج اللَّه تعالى.
والعتوُّ: بلوغ النهاية في تركِ قبول الوعظ والحجة حتى يقعَ اليأس عن صلاحه، قال تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} مريم: ٨ أي: حدًّا لا يطمع في مثله (١) الولد.
* * *
(٢٢) - {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}.
وقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}: أي: إنهم لا يرون الملائكة في الدنيا، وإنما يرونهم في الآخرة حين يبشِّرونهم بالعذاب (٢).
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} قيل: هو يوم القيامة.
وقيل: هو عند الموت {لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}؛ أي: لا خبر يبشِّرهم ويظهر استبشارهم في بشرة وجوههم {وَيَقُولُونَ}؛ أي: تقول الملائكة لهم: {حِجْرًا مَحْجُورًا}؛ أي: حرامًا محرَّمًا عليكم أن تكون لكم البشرى، إنما البشرى للمؤمنين.
وكان كلامًا مستعملًا في أوائل العرب ثم تُرك، يقوله المسؤول للسائل إذا أراد تخييبه: حجرًا محجورًا؛ أي: سألتَ شيئًا ممنوعًا.
(١) في (ر): "في نيل".
(٢) في (ف) و (أ): "بالعقاب".