و (فلان) عندهم كنايةٌ عن واحدٍ مجهول، وهو مستعمل في كلامهم، يقول الرجل لآخر: ما تصنعُ بصحبة فلانٍ وفلانٍ، وقال قائلهم:
استَغْنِ باللَّه عن فلانٍ... وعن فلانٍ وعن فلان (١)
* * *
(٢٩) - {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}.
وقوله تعالى: {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ}: أي: الإيمانِ بالقرآن، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} النحل: ٤٤ {بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} من اللَّه بإنزاله على رسوله وتبليغه إلينا.
قوله تعالى: {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}: أي: يَخذلُ أولياءه يوم القيامة ويتبرَّأ منهم، قال تعالى: {إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} الحشر: ١٦، وقال تعالى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ} الآية إبراهيم: ٢٢.
وقال مجاهد: {فُلَانًا خَلِيلًا}؛ أي: الشيطان (٢).
وقيل: نزلت في مُعيَّنٍ (٣)، وأكثرُ القرآن نزل في أسبابٍ خاصةٍ ثم يكون عامَّ المعنى فيمَن تتناوله اللفظة.
قال الضحاك: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ}؛ أي: على أطراف أصابعه فيأكلها حتى يتنهيَ إلى مرفقيه وما يَشعر (٤).
(١) البيت لأبي العتاهية. انظر: "الشعر والشعراء" (٢/ ٧٨٢).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٤٤٢).
(٣) سيأتي قريبًا.
(٤) ذكره الواحدي في "الوسيط" (٣/ ٣٣٩)، والبغوي في "تفسيره" (٦/ ٨١)، عن عطاء. ورواه بنحوه مختصرًا ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٦٨٤) عن سفيان.