القيلولة في ظلِّ شجرة، وكان معه خلق كثير، فمدَّ اللَّه تعالى ظلَّ تلك الشجرة حتى وسِع جميعهم، ونزلت الآية، وكان ذلك من معجزاته.
وقال: مدَّ الظلَّ على أوليائه: فقومٌ في ظل الحماية، وآخرون في ظلِّ الرعاية، وآخرون في ظل العناية، وآخرون في ظلِّ الكفاية.
وقال في قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} قال: هو وقتُ سكونٍ لقوم ووقتُ انزعاجٍ لآخرين، فأربابُ الغفلة يسكنون، وأصحابُ المحبة يسهرون، إن كانوا في رَوح الوصال لم يناموا لكمال أُنسهم، وإن كانوا في ألم الفراق لم يناموا لكمال وَجْدهم (١).
* * *
(٤٨) - {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ نشرًا (٢) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}:
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: {نُشُرًا} بضم النون والشين وهي جمعُ نَشُورٍ؛ أي: ناشراتٍ للغيم تَنْشرُه وتَبْسطُه في السماء بحركتها كما يُنشر الشيء المطويُّ.
وقرأ ابن عامر وأبو عمرو في روايةٍ بضم النون وسكون الشين.
وقرأ حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين.
وقال الكلبي: هو الريح الطيبة، مأخوذٌ من نشر المسك. وقيل: أي: حياةً.
وقرأ عاصم بالباء مضمومةً من البشارة (٣).
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩).
(٢) في (أ): "بشرًا " بدل: "نشرًا".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ٤٦٥)، و"التيسير" (ص: ١١٠). والمشهور عن أبي عمرو القراءة الأولى، والثانية -التي بضم النون وسكون الشين- ذكرها ابن مجاهد، ولم يذكرها الداني.