وقيل: الذكر: الشكر باللسان، والتذكُّر: تكلُّف إحضار القلب بالذكر.
وقوله تعالى: {لِيَذَّكَّرُوا}: أي: كفرانًا لنعمي؛ لأنَّهم يَصرفون النعمة والمطر إلى الأنواء، فيقولون: مُطِرنا بنَوءِ كذا، قال تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} الواقعة: ٨٢.
وقال الحسن: {لِيَذَّكَّرُوا}؛ أي: ليتذكَّروا بالمطر الذي أنزله فأحيى به الأرض أنه قادر على أن يُحيي الموتى.
وقوله: {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}: كفرًا (١) بالبعث، وعلى هذا تصريفُه أمطارَه في كلِّ البلاد مرةً هاهنا ومرةً هاهنا ليَشترك الكلُّ في التذكُّر به.
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: ما مِن عامٍ بأقلَّ مطرًا من عام، ولكن اللَّه تعالى يصرِّفه حيث يشاء، وقرأ هذه الآية (٢).
وقيل: ولقد صرَّفنا الذكرَ في القرآن في السور كلِّها بين الناس {لِيَذَّكَّرُوا}؛ أي: ليتَّعظوا وينتهوا {فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا} بالنعم وكفرًا بالمنعم.
* * *
(٥١ - ٥٢) - {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (٥١) فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}.
وقوله تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا}: أي: ولو شئنا لأرسلنا في كلِّ مصرٍ نبيًّا، ولكن لم نفعل فجعلناك نذيرًا للجميع، فاشكر نِعَم اللَّه عليك.
(١) في (ف): "كفورًا"، وليست في (أ).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٤٦٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٧٠٦).