(٦٦ - ٦٧) - {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٦٦) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.
وقوله تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}: أي: إنَّ جهنم بئسَ موضعُ قرارٍ وموضعَ إقامةٍ، والاستقرار أقل من الإقامة، وجهنم مستقرٌّ للعصاة ومقامٌ للكفار.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}: والإسراف: مجاوزة الحدِّ في الإنفاق لغةً (١)، والإقتار: التقصير عن العدل فيه، وقد قَتَر من حدِّ دَخَل وضَرَب، وأَقْتر من باب أدخَلَ، وهذا من صفات عباد الرحمن أيضًا.
قال إبراهيم: السَّرَف: مجاوزةُ الحد في النفقة، والإقتار: التقصيرُ عما لا بد منه (٢).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: الإسراف: الإنفاق في معصية اللَّه تعالى قلَّ أو كثُر، والإقتار: منعُ حقِّ اللَّه تعالى من المال (٣).
وقوله تعالى: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ}: أي: بين ذَينك (٤) {قَوَامًا}؛ أي: عدلًا، والقَوَام بالفتح: العدل، والقِوَام بالكسر: العماد يقال: هذا قِوَامُ الأمر ونظامُه ومِلاكُه، وهذا في المطعم والمشرب والملبس وكلِّ شيء.
وقيل: أي: لم يتكلَّفوا فوق الطاقة، ولم يقصِّروا عن الحاجة.
وقيل: إذا تكلَّموا لم يأتوا بالفضول ولم يسكتوا عن الحق، وإذا عملوا لم يأتوا بالمعصية ولم يتركوا الطاعة.
(١) "لغة" من (أ).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٤٩٩).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٤٩٧ - ٤٩٨).
(٤) "أي: بين ذينك" ليس في (ف).