(٧٥) - {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}.
وقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا}: أي: هؤلاء يُجزون بأقوالهم وأفعالهم الغرفَ في الجنة بما صبروا على هذه الأخلاق، والغرفةُ جنسٌ يصلح للجمع، وقد قال تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} سبأ: ٣٧ وقال تعالى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ} الزمر: ٢٠.
وقال القشيري رحمه اللَّه: استكثَرَ القليل من عباده فعدَّد أفعالهم في آيات، واستقلَّ الكثير من نفسه فعدَّ الجنة بما فيها على كثرتها غرفةً (١).
وقوله تعالى: {وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا}: قرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وتخفيف القاف، وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر؛ أي: يَرَوْن فيها ويَجِدُون فيها، وقرأ الباقون: {وَيُلَقَّوْنَ} بضم الياء وتشديد القاف (٢)؛ أي: تلقِّيهم الملائكة ذلك؛ كما قال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} الرعد: ٢٣ - ٢٤.
وقيل: يلقِّي بعضُهم بعضًا؛ كما قال تعالى: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا} الواقعة: ٢٥ - ٢٦.
* * *
(٧٦ - ٧٧) - {خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (٧٦) قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}.
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٦٥٢) ولفظه: يعطي سبحانه الكثير من عطائه ويَعُدُّه قليلًا، ويقبل اليسير من طاعة العبد ويَعُدُّه كثيرًا عظيمًا، يعطيهم الجنة قصورًا وحورًا ثم يقول: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ}، ويقبل اليسير من العبد فيقول: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} الذاريات: ٢٦.
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٤٦٨)، و"التيسير" (ص: ١٦٥).