مؤمن من (١) آل فرعون: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ} الآية القصص: ٢٠، {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} القصص: ٢١.
{فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا}: أي: نبوَّةً؛ لأن صاحبها يَحكم على الناس بشرائع الدِّين فيَلزمُهم طاعتُه.
وقوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}: أرسلني إليك وإلى قومك.
* * *
(٢٢) - {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}.
وقوله تعالى: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}: قال الفراء: هذا إقرارٌ من موسى لفرعون بمنَّته بما ربَّاه.
وقوله تعالى: {أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}: أي: استعبَدْتهم ولم تستعبِدْني، بل ربَّيتني في دارك وأدخلتَني في جملةِ أهلك، قال: ومثاله: أن يضرب الرجلُ أحدَ عبديه ويتركَ الآخرَ، فيقولَ المتروك: هي نعمةٌ عليَّ أن ضربتَ فلانًا وتركتَني، ثم تُحذف: وتركتني؛ لأن المعنى قائمٌ معروف (٢).
ثم تقريب هذا الكلام: أن المنَّة تقتضي شكرًا ومقابلةً بالجميل، فإذا نبَّهتُك على رشدك، وخلَّصتُك من عذاب ربك، ودعوتُك إلى صلاح دينك ودنياك، فقد شكرتُك وقابلتُ نعمتك بما لا شيءَ أجملُ منه.
وقيل: هذا من موسى إبطالُ أن يكون ما امتَنَّ به عليه نعمةً، وفي أوله مضمر
(١) "من" من (أ).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٧٩).