{فَانْفَلَقَ} وهاهنا مضمر؛ أي: فضرب فانفلق؛ أي: فانشقَّ فصارت فيه طرقٌ {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ} من الماء {كَالطَّوْدِ} كالجبل {الْعَظِيمِ}.
والفَرْق بالفتح: مصدرٌ؛ قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} البقرة: ٥٠، والفِرْق بالكسر: الاسم، كالقَشْر والقِشْر، والقَطْف والقِطْف؛ أي: ارتفع ماءُ كلِّ طريقٍ في الهواء فصار كجبلٍ، وكانوا اثني عشر سِبطًا، فصار اثني عشر فِرقًا، فسلك كلُّ سبطٍ فِرقًا فجاوزوه حتى أصحروا (١).
* * *
(٦٤) - {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}.
{وَأَزْلَفْنَا}: أي: قرَّبنا {ثَمَّ}؛ أي: هناك من البحر {الْآخَرِينَ}؛ أي: قومَ فرعون، فدخلوه على أن يسلكوا فيه كما سلك موسى وقومُه، فانطمَّ (٢) عليهم البحر وصارت الأفراق كلُّها شيئًا واحدًا.
قال ابن عباس وقتادة رضي اللَّه عنهم: {وَأَزْلَفْنَا}؛ أي: قرَّبنا، قال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} الشعراء: ٩٠ (٣).
قال أبو عبيدة: أي: جمعنا، ومزدلفة مجمع (٤).
وقال الحسن: {وَأَزْلَفْنَا}؛ أي: أهلكنا (٥)؛ أي: قرَّبْناهم إلى الهلاك.
(١) في (ر): "حتى أضجروا" وليست في (ف).
(٢) في (ر) و (ف): "فانضم". والمثبت من (أ)، وفي هامشها: "انطم كل شيء: كثر حتى علا وغلب".
(٣) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٥٨٦).
(٤) في (أ): "تجمع". وانظر: "مجاز القرآن" (٢/ ٨٧)، وفيه: (أي: وجمعنا، ومنه ليلة المزدلفة، والحجة فيها أنها ليلة جمع).
(٥) ذكره ابن قتيبة في "غريب القرآن" (ص: ٣١٧)، والماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٨/ ٦١)، والنحاس في "معاني القرآن" (٥/ ٨٥).