ثم بيَّن سفَهَهُم في هذا الاستعجال فقال: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ}: قيل: هو سِنُو مدة (١) الدنيا، وقيل: هي سِنُو مدةِ عمر (٢) كلِّ واحدٍ منهم.
{ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ}: من العذاب {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}.
معناه: إن عمر الإنسان في الدنيا إنما يكون سنين، وإن تفاوتت (٣) فإنما هي سنونَ معدودةٌ، فما معنى الفرحِ بذلك وهو ينقضي عن قريبٍ ثم وراءه عذابٌ غير منقضٍ؟
* * *
(٢٠٨ - ٢١١) - {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٠٩) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ}.
قوله تعالى: {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ}: أي: رسلٌ مخوِّفون بعذابنا إنْ لم يؤمنوا.
{ذِكْرَى}: أي: تذكرةً ووعظًا {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ}: معذِّبين بغير ذنبٍ، وهو كقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} الإسراء: ١٥ وقد شرحنا تلك الآية (٤) في موضعها على الوجه.
قوله تعالى: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ}: أي: بالقرآن، كما يقول هؤلاء: إنك كاهن، والكاهن يلقي عليه الشيطان، بل هو تنزيل رب العالمين.
= لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا}.
(١) في (ف): "هذه"، وليست في (ر).
(٢) "عمر" ليس من (أ).
(٣) في (ف): "تقادمت".
(٤) في (أ): "الآيات".